تقرير| كيف غيّر اليمن مستقبل الحروب البحرية؟
أبريل 15, 2025
كشف تقرير نشرته منصة (رادار 360) عن كيف غير اليمن مستقبل الحروب البحرية، منذ اندلاع المواجهات في البحر الأحمر بشهر ديسمبر2023 بمواجهات دارت بين قوات صنعاء وتحالف العدوان “حارس الازدهار” بقيادة أمريكا وبريطانيا والذي جعلت منه معادلة عسكرية جديدة اثبتت أن القوة لم تعد كما رسمتها المراكز العسكرية التقليدية.
متابعات – الخبر اليمني:
وقال التقرير إنه سرعان ما تحوّلت المعركة إلى اختبارٍ استراتيجي صادم للقوة البحرية الأمريكية، التي وجدت نفسها لأول مرة منذ عقود أمام خصم لا يملك أسطولًا ضخمًا، لكنه يملك ما هو أخطر تكتيك مرن، وتكنولوجيا منخفضة الكلفة.
وكشف التقرير أن اليمن وقواته البحرية قدمت نموذجا جديدًا في استخدام التكنولوجيا المتقدمة في ساحة القتال.. عبر تكتيكات غير تقليدية، أبرزها الطائرات بدون طيار والصواريخ الموجهة، حيث تمكنت القوات اليمنية، وبشكل خاص الحوثيون، من قلب موازين القوى في البحر الأحمر، باستخدام أساليب حديثة في الحرب لم تقتصر على السفن الحربية الضخمة، وانما استفادت من الأنظمة غير المأهولة التي أظهرت فعالية كبيرة في تنفيذ العمليات العسكرية بكفاءة عالية وتكلفة منخفضة.
ورأى التقرير أن العمليات العسكرية التي نفذها الحوثيون أحدثت تغييرات كبيرة في الطريقة التي يفكر بها العالم في الحروب البحرية وهي تحولات دفعت القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى إعادة النظر في استراتيجياتها البحرية وتطوير منصاتها بشكل أسرع وأكثر مرونة…
وقال إنه “على الرغم من أن الأساطيل البحرية الكبيرة كانت تعد الأداة الأساسية في المعركة البحرية، فإن العمليات العسكرية التي نفذها الحوثيون في هذه المنطقة أظهرت أن الحروب المستقبلية ستعتمد بشكل كبير على الأنظمة غير المأهولة، التي تتمتع بقدرة على تنفيذ المهام العسكرية بكفاءة وبتكلفة أقل”.
وتابع إن “التحول الكبير في أساليب القتال دفع المشرعين الأمريكيين إلى مناقشة ضرورة التكيف مع هذه التغيرات. حيث دعا أعضاء في الكونغرس الأمريكي إلى استراتيجيات استحواذ أكثر مرونة وسرعة، تتيح دمج الأنظمة المأهولة وغير المأهولة في العمليات العسكرية. وبحسب المشرعين، فإن هذا التغيير في الفكر العسكري يعد أمرًا ضروريًا للحفاظ على جاهزية البحرية الأمريكية لمواجهة التحديات المستقبلية التي تزداد تعقيدًا”.
وشارك التقرير في هذا السياق إلى أن موقع Meritalk المتخصص في التصنيع التكنولوجي إن مجموعة من المشرعين الأمريكيين دعت إلى إحداث تحول جذري في كيفية استحواذ الجيش الأمريكي على منصاته العسكرية، خصوصًا في ظل تنامي أهمية الأنظمة غير المأهولة في الحروب المستقبلية. وطالب النواب باستراتيجيات استحواذ أسرع وأكثر مرونة تمكّن من دمج الأصول المأهولة وغير المأهولة بشكل أفضل عبر الأسطول البحري الأمريكي، مؤكدين أن الوقت قد حان للتخلي عن الطرق التقليدية في التحديث والاقتناء.
ووفقا للموقع فإن النائب ترينت كيلي، عضو مجلس النواب عن ولاية ميسيسيبي، قال خلال مشاركته في حلقة نقاش ضمن مؤتمر البحر والجو والفضاء في ناشيونال هاربور بولاية ماريلاند، إن البحرية يجب أن تتحرر من التقاليد القديمة، مشيرًا إلى أن المفاضلة بين المنصات المأهولة وغير المأهولة ليست ثنائية، بل يجب أن تُبنى القرارات على أساس احتياجات المهمة. وأضاف: “أعتقد أن هذا هو الخطأ في نظام الاستحواذ لدينا، والسبب في تعطله… لا أعتقد أنه منصة مأهولة أو غير مأهولة، أعتقد أن بعضها يمكن أن يكون كلاهما، اعتمادًا على المهمة واعتمادًا على ما تفعله”.
وأشار كيلي إلى أن الأنظمة غير المأهولة أقل تكلفة، وتعرض عددًا أقل من الأشخاص للخطر، لكنها لا تزال تتطلب تدخلًا بشريًا في إدارتها وتشغيلها. واعتبر أن على الإدارة والكونغرس أن يؤكدا بوضوح رفضهما للنهج القديم، قائلاً: “إنه مسرح استراتيجي جديد نعمل فيه، وعلينا أن نعمل بشكل مختلف لأننا… لن نحصل على الأسهم الضخمة التي نحتاجها”.
وتابع إلى أنه “رغم التأكيد على ضرورة التحديث، حذّر كيلي من مغبة إحالة السفن إلى التقاعد دون وجود بدائل، معتبرًا أن ذلك يضعف من جاهزية القوات البحرية. وشدد على ضرورة الموازنة بين الكمال والسرعة، قائلاً: “هناك بعض الأفكار الجيدة التي يمكنك القيام بها، ولكن من الأفضل أن تنفذها بعنف لبناء 85 في المئة من السفينة التي تريدها، بدلاً من أن يكون لديك صفر في المئة لأن الأفكار القديمة إما أصبحت قديمة جدًا بحيث لا تعمل بعد الآن، أو أن الأفكار الجديدة تحتاج إلى 10 سنوات حتى تبدأ الإنتاج”. وأضاف: “يمكنك أن تقبل مخاطر الحصول على نسبة 85 بالمئة، ولكن عليك أن تدرك أن المخاطرة… أفضل من صفر بالمئة في أي يوم”.
من جهته، أيّد النائب روب ويتمان، الجمهوري عن ولاية فرجينيا، هذه الدعوة إلى التغيير السريع، محذرًا من أن إعادة التصميم المطوّلة والجداول الزمنية المتأخرة تقوّض قدرة البحرية الأمريكية على مواكبة التحديث. وتساءل: “ما هي طائراتكم المؤقتة لمجموعة حاملة الطائرات الهجومية لضمان قدرتكم على العمل عن بُعد الآن، وأين يمكنكم إضافة ذلك إلى… نظام بدون طيار قادر على القيام بهذه المهام؟”، مؤكداً أن “البحرية تطرح الأسئلة الصحيحة هنا”.
أما النائبة جين كيجانز، الجمهورية عن ولاية فرجينيا، فقد حذّرت من أن عملية دمج الأنظمة غير المأهولة تتطلب تدريبات فورية وجادة لضمان الجاهزية عند الحاجة القصوى. وأشارت إلى أن قاعدة أوشيانا الجوية البحرية في منطقتها تقدم مثالًا على أهمية الجاهزية، مضيفة: “بينما نرسل هؤلاء الأفراد في مهمات حول العالم… نحتاج إلى هذه العناصر”. وتابعت: “عندما نجري لقاءً مع الأفراد الذين كانوا في البحر الأحمر… ونستمع إلى تحدياتهم ومعاناتهم مع هذا التكامل غير المأهول، نظرًا لوجود العديد من الشركاء الذين نحاول التنسيق معهم، نحتاج إلى التدرب على هذه التكتيكات والسيناريوهات، حتى نكون مستعدين للانطلاق عندما يحين وقت الحسم”.
وقال التقرير إن “ما قدّمته اليمن في هذه المواجهة لفت أنظار الباحثين العسكريين وصنّاع القرار حول العالم، إذ استطاعت قوة غير تقليدية أن تؤثر بعمق على حركة الملاحة العالمية، وتحدث خللاً حقيقيًا في التوازنات البحرية السائدة، وأنه من خلال مزيج من الطائرات بدون طيار، والصواريخ الكروزية، والباليستية، والطائرات المسيرة السطحية، صعد الحوثيون إلى صدارة المشهد البحري العالمي، في مشهد يذكّر بتحولات كبرى في تاريخ الحروب”.
ولم يكن مفاجئًا أن يخصص مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في أغسطس 2024 تقريرًا مطولًا لتحليل هذه الظاهرة، مؤكدًا أن اليمن قدّمت نموذجًا جديدًا في الحرب البحرية يفرض إعادة التفكير في شكل المواجهات القادمة.
التقرير أشار إلى أن الهجمات التي ينفذها الحوثيون بمعدل 2.5 هجوم أسبوعيًا منذ يناير 2024 لم تكن مجرد عمليات تخريبية عشوائية، بل جزء من استراتيجية دقيقة استهدفت تعطيل واحدة من أهم طرق التجارة العالمية: قناة السويس، وأن هذه الاستراتيجية شكلت ضغطًا غير مسبوق على القوى البحرية الكبرى، وفي مقدمتها البحرية الأمريكية، التي تجد نفسها لأول مرة منذ عقود في موضع دفاعي حرج في منطقة تحظى بأهمية استراتيجية قصوى.
ورأى التقرير أن “التحول اللافت في أداء الحوثيين لا يمكن عزله عن استخدامهم المتطور للأنظمة غير المأهولة، التي أثبتت أنها قادرة على تجاوز الدفاعات التقليدية وإرباك القوات النظامية، في ظل كلفة منخفضة نسبيًا مقارنة بالنتائج المحققة، وأنه بات من الواضح أن مستقبل الحروب البحرية لن يكون كما كان، وأن ما بدأ في سواحل اليمن قد يفتح الباب أمام فاعلين جدد على المسرح الدولي، لا يملكون أساطيل ضخمة، ولكنهم يملكون العقول والابتكار والتكنولوجيا.
واعتبر أنه “إزاء هذا المشهد الجديد، أصبحت المنطقة ساحة اختبار مفتوحة لمفاهيم عسكرية طالما ظن العالم أنها من الثوابت، وهو ما يعكسه مضمون التقرير الأمريكي الذي يُعد من أبرز التحليلات الصادرة في هذا السياق”.
واستطرد التقرير أنه “لم تقتصر المفاجأة اليمنية في الحرب البحرية على طبيعة الأسلحة المستخدمة فحسب،وإنما امتدت إلى التكتيكات الذكية التي وظّفت بها هذه الأسلحة، لتكشف عن جانب آخر أكثر تعقيدًا وخطورة : الاستنزاف.
فبينما استخدمت اليمن، عبر جماعة الحوثي، طائرات مسيرة وصواريخ بدائية نسبيًا ومنخفضة الكلفة، وجدت الولايات المتحدة نفسها مضطرة إلى الرد بأنظمة دفاعية باهظة الثمن، تتطلب مليارات الدولارات لتشغيلها وصيانتها”.
ورأى أنه “بينما استخدمت اليمن، عبر جماعة الحوثي، طائرات مسيرة وصواريخ بدائية نسبيًا ومنخفضة الكلفة، وجدت الولايات المتحدة نفسها مضطرة إلى الرد بأنظمة دفاعية باهظة الثمن، تتطلب مليارات الدولارات لتشغيلها وصيانتها، وأنه في مقال نشره جون جامبريل في وكالة الأسوشيتد برس في يناير 2024، وصف المواجهة البحرية الجارية بأنها الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية، ليس فقط لكثافة النيران، بل أيضًا لطبيعة التهديد المتجدد وغير المتوازن”.
واختتم التقرير أنه “أمام هذا الواقع، تحولت المواجهة إلى نزيف اقتصادي يومي للولايات المتحدة، خاصة مع تصاعد وتيرة الهجمات، وارتفاع وتيرة الاعتراضات التي تقوم بها السفن الحربية الأمريكية، وأن هذا الخلل في معادلة الكلفة والفعالية أعاد إلى الأذهان دروسًا من حروب العصابات، لكن هذه المرة في البحر، حيث تُطلق طائرة مسيرة لا تتجاوز كلفتها بضعة آلاف من الدولارات، فيُرد عليها بصواريخ اعتراضية تبلغ ملايين.
The post تقرير| كيف غيّر اليمن مستقبل الحروب البحرية؟ first appeared on الخبر اليمني.