الهيمنة الأمريكية في مهب الريح: كيف تقود التعددية القطبية إلى تغيير موازين القوى؟
أبريل 20, 2025
تتوالى التحذيرات من قبل خبراء أمريكيين من أن الولايات المتحدة على وشك مغادرة مربع الهيمنة الأحادية التي اعتادت عليه لعقود طويلة، لتدخل في مرحلة جديدة يتسم فيها النظام العالمي بتعدد الأقطاب.
رادار 360-الخبر اليمني:
ففي الوقت الذي كانت فيه واشنطن تمسك بزمام القوة والنفوذ على الساحة الدولية، بدأت ملامح تراجع هذه الهيمنة تتضح بشكل جلي، حيث تكافح الولايات المتحدة لمواكبة التحولات الجيوسياسية التي تطرأ على العالم. التحولات العالمية الأخيرة، خاصة في مناطق مثل أوكرانيا والشرق الأوسط وآسيا، تكشف عن تحديات غير مسبوقة تواجهها الولايات المتحدة في مواجهة قوى صاعدة مثل الصين وروسيا. هذه القوى بدأت تفرض نفسها على الساحة العالمية، مما يجعل واشنطن أمام تحديات كبيرة
في هذا السياق نشرت منصة 1945 الامريكية المتخصصة في الدفاع البحري مقالا للكاتب أندرو لاثام تحدث فيه عن تفكك الاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة في ظل عالم متعدد الأقطاب، مشيرًا إلى أن واشنطن تكافح لقبول هذا التحول. وأكد أن السياسة الخارجية الأمريكية تعاني من أزمة بسبب انهيار البنية الجيوسياسية التي دعمتها على مدى ثلاثة عقود، مع وجود تفاوت متزايد بين التزاماتها وقدراتها.
وأوضح لاثام أن التعددية القطبية أصبحت واقعًا حاضرًا، حيث تتفاوض الولايات المتحدة في عالم ما بعد الهيمنة الأمريكية من موقع الإرهاق والديون، محذرًا من أن محاولاتها للقتال على جبهات متعددة، مثل أوكرانيا والشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، تعكس جمودًا استراتيجيًا وليس قوة.
ودعا الكاتب إلى تبني “ضبط النفس” كإطار استراتيجي يقبل العالم كما هو، مُتقلب وغير أحادي القطب، مؤكدًا أن هذا المفهوم لا يعني التراجع أو التهدئة، بل تحديد الأولويات بعقلانية. وفي سياق أوكرانيا، اقترح التوصل إلى تسوية تفاوضية تحفظ سيادتها دون جر الناتو إلى حرب طويلة، معتبرًا أن التبرير الأخلاقي لتسليح كييف لا يغير ضرورة إنهاء الصراع قريبًا لتجنب التصعيد.
وفي الشرق الأوسط، أشار إلى فشل سياسة الضغط القصوى على إيران، التي أدت إلى اقتراب طهران من امتلاك سلاح نووي وإنهاك البحرية الأمريكية في مواجهة تهديدات متعددة، داعيًا إلى إعادة تقييم الوجود الأمريكي في المنطقة.
وبخصوص الصين، حذر لاثام من التعامل مع كل فعل صيني على أنه تهديد وجودي، موضحًا أن بكين تسعى لتأمين محيطها وإعادة صياغة القواعد الإقليمية وليس فرض أيديولوجية عالمية. وأكد أن أي مواجهة محتملة مع الصين، خاصة بشأن تايوان، ستكون معقدة ومكلفة بسبب هشاشة القاعدة اللوجستية الأمريكية وإنهاك قدراتها الصناعية. ودعا إلى التركيز على المصالح الحيوية، مثل الدفاع عن الوطن وردع العدوان في شمال الأطلسي وشمال المحيط الهادئ، مع التخلي عن المشاريع الثانوية.
كما شدد على ضرورة أن تتحمل أوروبا مسؤولية أمنها، معتبرًا أن استمرار الناتو يتطلب إنفاقًا حقيقيًا وإرادة سياسية من الحلفاء الأوروبيين، وإلا يجب على واشنطن اعتبار أوروبا مسرحًا ثانويًا. وفي منطقة المحيطين الهندي والهادئ، دعا إلى هيكل تحالفي يوزع الأعباء ويعطي الأولوية للبقاء بدلاً من الرمزية. وفي الداخل، طالب بإعادة بناء قاعدة صناعية دفاعية مستدامة، تشمل إعادة توطين سلاسل التوريد والاستثمار في أحواض بناء السفن ومصانع الذخيرة.
وختم لاثام مقاله بالتأكيد على أن السياسة الخارجية الأمريكية بحاجة إلى التعبير عن واقع العالم الجديد، محذرًا من أن التمسك بأوهام الهيمنة الأحادية خطير. وأشار إلى أن ما ينقص الولايات المتحدة ليس القوة، بل الوضوح الاستراتيجي، داعيًا إلى التكيف مع التعددية القطبية قبل أن تتحول التحديات إلى أزمات أكبر.
The post الهيمنة الأمريكية في مهب الريح: كيف تقود التعددية القطبية إلى تغيير موازين القوى؟ first appeared on الخبر اليمني.