الشهيد الصفي.. في سيرة السيد العلامة “هاشم صفي الدين”
فبراير 23, 2025
صلاح الدين بن علي
في رحاب المقاومة الإسلامية يبرز اسم السيد الشهيد الصفي هاشم صفي الدين كأحد أبرز القادة الذين حملوا لواء الجهاد والفكر والموقف بثبات وإيمان.
شخصية جمعت بين العلم والعمل، بين العقيدة والسياسة، وبين الفكر الاستراتيجي والرؤية التنظيمية، حتى أضحت أحد أعمدة حزب الله وركائز مشروع المقاومة الإسلامية في لبنان والمنطقة.
وُلد السيد الشهيد هاشم صفي الدين في السادسِ من مايو من عامِ ألفٍ وتسعِمئة وأربعةٍ وستين في مدينة صور اللبنانية وترعرع في بيئة محافظة مفعمة بالقيم الإسلامية، ما أسهم في تشكيل وعيه الديني والسياسي منذ نعومة أظفاره.
في شبابه انتقل السيد صفي الدين إلى مدينة النجف الأشرف، حيث تلقى العلوم الدينية في الحوزة العلمية، فنهل من معين الفقه والأصول والفكر الإسلامي الحقِّ، وتعمق في الدراسات الحوزوية، ما أكسبه معرفة رصينة انعكست لاحقًا على أدائه القيادي والفكري داخل المقاومة الإسلامية.
يُعد السيد هاشم صفي الدين من الشخصيات المحورية في حزب الله، حيث تقلد مسؤوليات عليا داخل الحزب، أبرزها رئاسته للمجلس التنفيذي، وهو الجهاز الذي يشرف على العمل التنظيمي والاجتماعي والخدماتي، ما جعله على تماس مباشر مع الهيكلية التنظيمية للمقاومة وقاعدتها الشعبية.
من خلال هذا الموقع الرائد لعب السيد صفي الدين دورًا محوريًا في إدارة شؤون الحزب، ووضع الاستراتيجيات العامة التي أسهمت في تعزيز حضور المقاومة على مختلف المستويات العسكرية والسياسية والاجتماعية.
لم يكن دور الشهيد الصفي مقتصرًا على الإدارة التنظيمية، بل كان حاضرًا بفعالية في توجيه السياسات العامة للحزب، متحدثًا باسم المقاومة في العديد من المناسبات، موضحًا مواقفها ورؤيتها في ظل التحديات المختلفة التي واجهتها الساحة اللبنانية والإقليمية.
طوال مسيرته كان للسيد هاشم صفي الدين دور بارز في دعم المجاهدين وتوجيه العمليات العسكرية التي خاضها الحزب في مواجهة العدو الإسرائيلي كما كان من أبرز القادة الذين رسموا معالم المواجهة المستمرة مع الإسرائيلي والانتصار الساحق عليه.
خلال مسيرته الجهادية الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود جمعت السيد هاشم صفي الدين علاقة وثيقة بسماحة السيد الشهيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، حيث كان أحد أقرب مستشاريه وأبرز قادة الصف الأول في الحزب.
شكّل السيد صفي الدين مع ابن خالته السيد نصر الله ثنائيًا قياديًا متكاملاً طوال مسيرة الحزب الجهادية وظلّ أحدَ أهمِ العقولِ الاستراتيجية التي أسهمت في تخطيط سياسات الحزب وتوجيه مساره في مختلف المراحل المفصلية.
كان للسيد صفي الدين دوراً حاسمًا خلال الحروب الكبرى التي خاضها حزب الله ضد العدو الإسرائيلي لا سيما حرب تموز، حيث عمل إلى جانب السيد حسن على إدارة المعركة بذكاء وحكمة، فساهم في تحقيق النصر التاريخي على العدو الإسرائيلي.
طول مسيرته الجهادية كان السيد صفي الدين من أبرز الداعمين لخيار تعزيز قوة المقاومة وتطوير قدراتها العسكرية والتكنولوجية، مؤمنًا بأن الجاهزية العسكرية الدائمة هي السبيل الوحيد لحماية لبنان وردع العدوان الصهيوني.
عندما انطلقت معركة طوفان الأقصى الخالدة في السابع من أكتوبر من عام ألفين وثلاثةٍ وعشرين كان السيد هاشم صفي الدين في طليعة الداعمين لهذه العملية التي وجهت من خلالها كتائب القسام صفعة تاريخية العدو الإسرائيلي.
بالنسبة للسيد صفي الدين كانت معركة طوفان الأقصى تحولًا استراتيجيًا هاماً في مستوى وشكل المواجهة مع العدو الإسرائيلي ومنذ لحظتها الأولى كان من أبرز القادة الذين دفعوا باتجاه تعزيز الدعم العسكري واللوجستي للمقاومة الفلسطينية.
طوال مسيرته الجهادية البارزة لم يقتصر دور الشهيد السيد هاشم صفي الدين على الدعم السياسي للقضية الفلسطينية بل كان جزءًا أصيلاً من عمليات التخطيط والتنسيق المستمر مع فصائل المقاومة، حيث عمل على ربط جبهات المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن ضمن استراتيجية “وحدة الساحات”.
من خلال خطاباته وتحركاته العملية أكدّ السيد صفي الدين أن أي حرب ضد فلسطين هي حرب ضد محور المقاومة بأسره فكانت كلماته الحاسمة تعبّر عن التزامه المطلق بالدفاع عن القضية الفلسطينية معتبراً إياها جوهر الصراع مع المشروع الصهيوني.
تمتع السيد هاشم صفي الدين طوال مشواره الجهادي المفعم بالإخلاص برؤية استراتيجية واضحة، حيث آمن بأن المقاومة ليست مجرد قوة عسكرية فحسب، بل مشروع متكامل يجمع بين السياسة والمجتمع، بين السلاح والعقيدة، وبين الحضور المحلي والتأثير الإقليمي.
عن ذلك كان السيد الشهيد شديد التأكيد على أن مقاومة لا تكون متجذرةً في وجدان الناس ومتصلةً ببيئتها الشعبية والاجتماعية هي مقاومة ناقصة ومن هنا، كان له دور بارز في توجيه العمل الاجتماعي والتنموي، لضمان احتضان الناس للمقاومة وجعلها جزءًا من يومياتهم.
لم يكن السيد هاشم صفي الدين شخصية لبنانية فحسب، بل كان جزءًا من محور المقاومة الممتد من لبنان إلى فلسطين وسوريا والعراق وإيران واليمن وكان له موقف داعم للقضايا العادلة في المنطقة وبالنسبة إليه لم تكن المقاومة الإسلامية في لبنان معزولة عن محيطها، بل جزء من جبهة واسعة تعمل لمواجهة المشروع الصهيو-أميركي في المنطقة.
وللسيد الشهيد هاشم صفي الدين دور بارز في تعزيز العلاقات مع مختلف فصائل المقاومة في فلسطين كما كانت له مواقف داعمة لحركات المقاومة في العراق واليمن فطوال جهاده ظلّ مؤمناً بأن معركةَ محورِ المقاومة معركة واحدة، وأن صمودَ أي طرف في هذه المعركة يعزز قوة المحور بأسره.
في أكتوبر شهرِ الطوفان الخالد وبعد كلّ هذا المشوار الجهادي الخالص وفي خضمّ مشاركته الفاعلة في إسنادِ غزّةَ ومقاومتِها استشهد السيد هاشم صفي الدين في غارة إسرائيلية استهدفته وهو في قلب الميدان، سائرًا على خطى الشهداء العظام الذين سبقوه في درب الجهاد على طريق القدس.
كان اغتيال السيد هاشم صفي الدين محاولة إسرائيلية يائسة لضرب مشروع المقاومة لكنه لم يكن سوى شهادة أخرى على صلابة هذا النهج واستمراريته.
شهيداً وعلى ذات الطريق، طريقِ القدس، ارتقى السيد هاشم صفي الدين إلى جوار ربه ملتحقاً بشهيد الأمة جمعاء سماحة السيد حسن نصر الله، لكن إرثه باقٍ، ومسيرته ستظل منارة للأجيال القادمة، وحجر أساس في صرح المقاومة التي لم ولن تهزم قط.
The post الشهيد الصفي.. في سيرة السيد العلامة “هاشم صفي الدين” first appeared on الخبر اليمني.